الثقب بين الأذينين

ما هو الثقب بين الأذينين؟ الأسباب والمضاعفات المحتملة

عندما نسمع عن وجود ثقب في القلب، يتبادر إلى أذهاننا صورة معقدة ومقلقة. لكن الحقيقة أن بعض هذه الحالات يمكن التعامل معها ببساطة إذا ما فُهمت جيدًا. أحد أكثر العيوب القلبية الخلقية شيوعًا هو ما يُعرف بـ”الثقب بين الأذينين”، وهو خلل يحدث لدى بعض الأشخاص منذ لحظة الولادة.

القلب السليم: كيف يعمل؟

كل قلب سليم يتكون من أربع غرف: أذينين في الأعلى وبُطينين في الأسفل. وظيفة هذه الغرف تنظيم تدفق الدم بين القلب والرئتين وبقية الجسم. الحاجز الذي يفصل بين الأذين الأيمن والأيسر يجب أن يكون محكمًا، لكن في بعض الحالات يولد الطفل بفتحة في هذا الحاجز. هنا يبدأ الحديث عن ما يُعرف طبيًا بـ”Atrial Septal Defect”، أو ببساطة: الثقب بين الأذينين.

الثقب بين الأذينين: متى يحدث؟

في المراحل الجنينية، يكون هذا الثقب موجودًا بالفعل بشكل طبيعي ليسمح بمرور الدم بين الأذينين، بما أن الرئتين لا تعملان بعد. ولكن بعد الولادة، يُفترض أن يُغلق هذا الثقب تلقائيًا خلال الأسابيع أو الأشهر الأولى. عندما لا يحدث ذلك، يبدأ الدم المؤكسج (الغني بالأكسجين) في الانتقال من الأذين الأيسر إلى الأذين الأيمن، مما يزيد الحمل على الجانب الأيمن من القلب ويُخل بتوازن الدورة الدموية.

الأسباب المحتملة لحدوث الثقب

قد يتساءل البعض: لماذا يحدث هذا الثقب أساسًا؟ في الحقيقة، غالبًا لا يكون هناك سبب واضح. إلا أن هناك عوامل يمكن أن تزيد من فرص حدوثه، مثل وجود تاريخ عائلي من أمراض القلب الخلقية، أو تعرض الأم خلال الحمل لأمراض فيروسية مثل الحصبة الألمانية، أو تناول أدوية معينة دون إشراف طبي، أو حتى وجود متلازمات جينية مثل متلازمة داون.

أنواع الثقب بين الأذينين

الثقب بين الأذينين ليس نوعًا واحدًا بل له ثلاثة أشكال رئيسية، أكثرها شيوعًا هو “النوع الثانوي” الذي يقع في منتصف الحاجز الفاصل بين الأذينين. أما “النوع الأولي” فيكون أقرب إلى صمامات القلب، وهو أكثر تعقيدًا. وهناك نوع نادر يُعرف باسم “الثقب الجيبي”، ويقع بالقرب من اتصال الأوردة بالأذين الأيمن.

متى تظهر الأعراض؟

أحيانًا لا يكتشف الأهل أن طفلهم يعاني من هذا الثقب إلا في وقت متأخر، خصوصًا إذا كان صغير الحجم ولا يسبب أعراضًا واضحة. لكن في بعض الحالات تظهر علامات يمكن ملاحظتها: كأن يشعر الطفل بتعب سريع عند اللعب، أو يعاني من ضيق في التنفس، أو تكرار في التهابات الجهاز التنفسي، أو حتى تأخر في النمو. في فحص بسيط لدى طبيب الأطفال قد يُسمع صوت غير طبيعي في القلب يُعرف بـ”لغط قلبي”، ما يدفع الطبيب لطلب فحوصات إضافية.

المضاعفات المحتملة

تكمن خطورة هذا الثقب في إهماله، فمع مرور الوقت، وخاصة إذا كان كبيرًا، يمكن أن يؤدي إلى مضاعفات خطيرة: مثل ارتفاع ضغط الدم في الرئتين، أو تضخم الجانب الأيمن من القلب، أو اضطرابات في نظم القلب، أو حتى فشل قلبي. في بعض الحالات النادرة قد يُسبب جلطة دماغية إذا مرّت جلطة صغيرة من الأذين الأيمن إلى الأيسر دون أن تُصفى في الرئتين.

التشخيص والعلاج: تطور طبي كبير

لكن لا داعي للقلق المفرط، إذ أن تطور الطب سهّل بشكل كبير من عملية التشخيص والعلاج. أصبح بالإمكان تشخيص الثقب بسهولة من خلال الفحوصات الدقيقة كالإيكو القلبي، ويمكن علاج العديد من الحالات إما عن طريق القسطرة أو الجراحة، حسب نوع الثقب وحجمه.

 

في المقال القادم، سنتحدث عن تفاصيل التشخيص: متى يجب زيارة الطبيب؟ ما هي الفحوصات المستخدمة؟ وكيف يحدد الطبيب إن كان الثقب يحتاج إلى علاج؟ سنتناول هذه الأسئلة بلغة بسيطة وواضحة تُجيب على قلق كل مريض وكل أسرة.

 

تابعونا على صفحة الفيسبوك لمتابعة كل جديد وأحدث المعلومات

 

كل ما تريد معرفته عن د / عبد الرحمن العفيفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *