اكتشف أعراض الوصلة الشريانية المفتوحة (PDA) عند الأطفال، وأهمية التشخيص المبكر، وكيف يكتشف الأطباء هذه الحالة الصامتة أحيانًا قبل أن تُرهق القلب والرئتين.
في الأسابيع الأولى من حياة الطفل، تبدو كل نبضة قلب كأنها احتفال جديد بالحياة. لكن في بعض الأحيان، تخفي هذه النبضات قصة لم تُكتب بعد. قصة تبدأ بصمت، دون أن يشعر بها أحد، وتدور حول وصلة صغيرة جدًا لكنها قادرة على إرباك منظومة القلب بالكامل. إنها الوصلة الشريانية المفتوحة، تلك القناة الجنينية التي ترفض أن تُغلق في موعدها.
قد لا يظهر على الطفل أي علامة واضحة في البداية، خاصة إذا كانت الوصلة صغيرة. لكن مع مرور الوقت، تبدأ بعض الأعراض subtle subtle subtle… لكنها تزداد وضوحًا، لتشير إلى أن هناك شيئًا غير طبيعي يدور في عمق الصدر الصغير.
هل يمكن أن تمر الوصلة الشريانية بدون أعراض؟
نعم، وهذا هو الجزء الخادع. فبعض الأطفال، خاصة ممن لديهم وصلة صغيرة الحجم، قد يعيشون دون أي أعراض تُذكر، وقد لا يُكتشف الأمر إلا خلال الفحص الروتيني، عندما يسمع الطبيب نفخة قلبية غير معتادة. في هذه الحالات، يُطلق عليها “PDA صامتة”، لكنها رغم صمتها، تستحق المتابعة.
العلامات والأعراض التي لا يجب تجاهلها
عندما تكون الوصلة الشريانية أكبر حجمًا أو تُسبب اضطرابًا واضحًا في الدورة الدموية، تبدأ الأعراض بالظهور تدريجيًا، وأحيانًا بشكل مخيف للأهل. ومن أبرز هذه الأعراض:
- سرعة التنفس أو التنفس المجهد: خاصة أثناء الرضاعة أو البكاء.
- التعرق الزائد أثناء الرضاعة أو النوم: وهو من أوائل المؤشرات على أن القلب يبذل جهدًا إضافيًا.
- صعوبة في الرضاعة أو ضعف الشهية: لأن الرضعة تصبح مجهدة للطفل.
- بطء في اكتساب الوزن أو توقف النمو: نتيجة انخفاض فعالية الدورة الدموية.
- الإصابة المتكررة بعدوى الجهاز التنفسي: بسبب احتقان الرئتين بالدم الزائد.
- نفخة قلبية مسموعة بوضوح: يسمعها الطبيب أثناء فحص القلب بالسماعة، وهي علامة مميزة جدًا في حالات PDA.
هذه العلامات لا تظهر كلها دائمًا، لكنها كلما اجتمعت، زادت احتمالية وجود وصلة شريانية مفتوحة تؤثر على القلب.
كيف يتعامل الأطباء مع الاشتباه في وجود PDA؟
عندما يُلاحظ الطبيب وجود نفخة قلبية أو تظهر الأعراض السابقة على الطفل، يطلب إجراء فحص الموجات فوق الصوتية للقلب (الإيكو)، وهو أداة التشخيص الأساسية لتحديد وجود الوصلة الشريانية المفتوحة (PDA) بدقة، وتقدير حجمها، ومدى تأثيرها على القلب والرئتين.
أحيانًا يُستخدم تصوير الأشعة السينية على الصدر، أو تخطيط القلب الكهربائي (ECG)، لكن يبقى الإيكو هو المرجع الأول.
ماذا عن الأطفال الخدّج؟ ولماذا هم أكثر عرضة؟
في الأطفال الخدّج (المولودين قبل الأسبوع 37 من الحمل)، تكون نسبة بقاء الوصلة الشريانية مفتوحة أعلى بكثير، بسبب عدم اكتمال نضج جدران الأوعية الدموية. وفي كثير من هؤلاء الأطفال، قد تظهر الأعراض بسرعة وبشدة أكبر، مثل انقطاع النفس، أو ازرقاق الأطراف، أو الحاجة إلى دعم تنفسي مبكر.
لذلك، يتم فحص الخدّج بشكل دوري باستخدام الإيكو حتى بدون وجود أعراض، لاكتشاف أي وصلة مبكرًا قبل أن تُسبب مضاعفات.
لماذا التشخيص المبكر مهم جدًا؟
لأن الوصلة الشريانية المفتوحة قد تُسبب، مع الوقت، مضاعفات خطيرة مثل:
- ارتفاع ضغط الدم في الشرايين الرئوية.
- تضخم عضلة القلب.
- قصور القلب في الحالات المتقدمة.
وكل هذه المضاعفات يمكن تفاديها إن تم التشخيص والعلاج في الوقت المناسب. لذلك، فإن ملاحظة الأعراض الدقيقة، والمتابعة مع طبيب الأطفال أو طبيب القلب، أمر بالغ الأهمية.
وفى النهاية يمكننا القول أن الوصلة الشريانية المفتوحة قد لا تُعلن عن وجودها مبكرًا، لكنها تترك علامات إذا كنا نعرف كيف نراها. سرعة التنفس، التعرق أثناء الرضاعة، ضعف النمو، أو حتى مجرد صوت غير معتاد في قلب الطفل، كلها إشارات يجب أخذها على محمل الجد. والتشخيص المبكر باستخدام الإيكو القلبي هو مفتاح الطريق للعلاج، سواء بالدواء، أو بالقسطرة، أو بالجراحة عند الحاجة.
💡 نصيحة للأهل:
إذا لاحظت أن طفلك يتعب بسرعة، أو يتعرق عند الرضاعة، أو لا يزداد وزنه كما يجب، فلا تتردد في استشارة الطبيب. فربما هناك “وصلة صغيرة” تحتاج إلى إغلاق، لتمنح قلب صغيرك فرصة للراحة.
عن الدكتور عبد الرحمن العفيفي
استشاري قلب الأطفال ورئيس قسم الأطفال بمركز الدكتور مجدي يعقوب للقلب
يُعد الدكتور عبد الرحمن العفيفي من أبرز الأسماء في مجال طب قلب الأطفال في مصر والعالم العربي، بخبرة تمتد لما يقرب من 20عامًا في تشخيص وعلاج العيوب الخلقية في القلب لدى الأطفال وحديثي الولادة.
يتميّز بتخصصه الدقيق في استخدام تقنيات قسطرة القلب العلاجية والتشخيصية، ويقود فريقًا طبيًا متخصصًا في رعاية الأطفال المصابين بأمراض القلب الخلقية في أحد أهم مراكز القلب في الشرق الأوسط.
له إسهامات علمية متعددة، وشارك في عدد كبير من المؤتمرات الدولية، ويُعرف بأسلوبه المبسط في شرح الحالات الطبية المعقدة للأهل، مما يخلق جسرًا من الثقة والدعم بين الطبيب والأسرة.
لديه خبرة كبيرة في تشخيص وعلاج أمراض القلب الخلقية لدى الأطفال، يُعد الدكتور عبد الرحمن العفيفي واحدًا من أبرز الأسماء في طب قلب الأطفال في العالم العربي. يشغل حاليًا منصب رئيس قسم الأطفال في مركز الدكتور مجدي يعقوب للقلب بأسوان، ويقود فريقًا طبيًا متخصصًا في تقديم أحدث ما توصل إليه الطب في مجال قسطرة القلب والعلاجات التداخلية الدقيقة للأطفال وحديثي الولادة.
يجمع الدكتور العفيفي بين الكفاءة الإكلينيكية العالية، والاهتمام العميق بالبحث العلمي والتدريب، حيث ساهم في تدريب العشرات من أطباء الأطفال على التشخيص المبكر لعيوب القلب الخلقية، مع تركيز خاص على الاستخدام المتقدم لتقنية الإيكو القلبي والعلاج بالقسطرة كبديل فعال للجراحة في كثير من الحالات.
وإلى جانب عمله الإكلينيكي، يُعرف الدكتور العفيفي بتواصله الإنساني العميق مع الأهل، وحرصه على تبسيط المعلومات الطبية وتقديمها بلغة مفهومة تساعدهم على اتخاذ قرارات واثقة في رحلة علاج أطفالهم.
تابعونا على صفحة الفيسبوك لمتابعة كل جديد وأحدث المعلومات