يبدو الحديث عن ثقوب البطينين عند الأطفال شاقاً للأهل في البداية، خاصة حين يسمعون للمرة الأولى أن قلب طفلهم يحتوي على فتحة بين البطينين الأيمن والأيسر. غير أن المعرفة الدقيقة بطبيعة هذه الحالة وتطور وسائل علاجها الحديثة، وعلى رأسها القسطرة القلبية العلاجية، تمنح العائلة قدراً كبيراً من الطمأنينة. فثقب البطينين لا يعني نهاية مطاف الطفل الصحي، بل هو مشكلة يمكن التعامل معها بفاعلية ونجاح في معظم الحالات، سواء عبر المتابعة الطبية أو التدخل بالقسطرة أو الجراحة عند الحاجة.
ما هو ثقب البطينين وكيف يؤثر على القلب؟
يولد بعض الأطفال بفتحة في الجدار العضلي الذي يفصل البطينين، مما يسمح بعبور الدم من البطين الأيسر ذي الضغط الأعلى إلى البطين الأيمن. هذا العبور غير الطبيعي يرهق القلب، ويجعل الرئتين تستقبلان كمية إضافية من الدم. قد تظهر الأعراض مبكراً في صورة سرعة التنفس، ضعف الرضاعة، التعرق الشديد أثناء الأكل، أو عدم زيادة الوزن، بينما تبقى بعض الثقوب الصغيرة دون أعراض واضحة، فلا تُكتشف إلا من خلال الفحص الروتيني.
الإغلاق التلقائي لثقوب البطينين الصغيرة
ومن أكثر ما يبعث على الطمأنينة أن نسبة كبيرة من ثقوب البطينين الصغيرة تُغلق تلقائياً خلال السنوات الأولى من الحياة دون أي تدخل. لكن الثقوب المتوسطة والكبيرة تحتاج تقييماً أدق، وهنا يأتي الدور الرئيسي للقسطرة التي أحدثت تحولاً كبيراً في علاج هذه الحالات.
القسطرة القلبية كبديل فعّال للجراحة
لقد أصبح بالإمكان في العديد من الحالات إغلاق ثقب البطينين دون جراحة، من خلال إدخال جهاز صغير عبر القسطرة، يتم تمريره من الفخذ حتى يصل إلى داخل القلب، ويُفتح الجهاز داخل الثقب مثل مظلتين صغيرتين تلتصقان بجدار الحاجز البطيني لإغلاق الفتحة بإحكام. هذا الإجراء يقلل بشكل كبير من مدة الإقامة في المستشفى، ويجنب الطفل آلام الجراحة ومضاعفات فتح الصدر، ويسمح له بالعودة السريعة إلى حياته الطبيعية.
متى تكون القسطرة هي الخيار الأنسب؟
ورغم أن القسطرة ليست مناسبة لكل أنواع الثقوب، فإن تطور الأجهزة الحديثة جعل استخدامها ممكناً في نطاق أوسع. ويبقى القرار النهائي للطبيب بناءً على حجم الثقب، موقعه، تأثيره على القلب، وعمر الطفل وحالته العامة. وقد تُستخدم القسطرة أحياناً لتقييم الثقب وقياس الضغط داخل حجرات القلب قبل اتخاذ قرار العلاج.
دور الأهل في المتابعة والرعاية الصحية
ويجب على الأهل مراقبة الطفل ومتابعته دورياً، والالتزام بمواعيد السونار. كما يجب إبلاغ الطبيب عند ملاحظة أي أعراض جديدة مثل صعوبة التنفس أو ضعف النشاط أو تكرار التهابات الصدر. وتلعب التغذية الجيدة والمتابعة الدقيقة دوراً في تحسين صحة الطفل وتقليل المضاعفات.
حياة طبيعية بعد علاج ثقب البطينين
لقد أصبحت القسطرة اليوم من أهم الأدوات العلاجية في مجال أمراض القلب الخلقية، ومنحت الأطفال فرصة كبيرة للعلاج الآمن والسريع دون معاناة الجراحة. ويعيش معظم الأطفال الذين يخضعون لإغلاق ثقب البطينين حياة طبيعية تماماً، يتعلمون ويلعبون دون قيود، وكأن المشكلة لم تكن موجودة من الأساس.
تابعونا على صفحة الفيسبوك لمتابعة كل جديد وأحدث المعلومات


