القسطرة

داخل غرفة القسطرة.. خطوة بخطوة نحو إنقاذ القلب

تبدأ القصة عادةً قبل يوم من الإجراء. تحضيرات بسيطة، تعليمات بعدم تناول الطعام، بعض التحاليل، ولقاء أخير يطمئن فيه الطبيب الأهل والمريض. لكن ما يحدث داخل غرفة القسطرة يظل لغزًا لكثير من الناس. في هذا المقال نفتح الباب بهدوء، وندخل معًا.

 

ماذا يوجد داخل غرفة القسطرة؟

في غرفة القسطرة، لا جراحة ولا فتح صدر. بل شاشة عملاقة، جهاز تصوير بالأشعة، وطاولة مجهزة بدقة. بعد تخدير المريض (كليًا في حالات الأطفال أو موضعيًا في بعض البالغين)، يُدخل الطبيب أنبوبًا رفيعًا من وريد الفخذ، ويتجه به بدقة داخل الأوعية حتى يصل إلى القلب. كل هذه الرحلة تُتابَع لحظة بلحظة بالأشعة.

 

خطوة الإغلاق: جهاز صغير بحجم الأمل

هنا يبدأ الجزء الأهم: يتم تحديد مكان الثقب بدقة عبر الإيكو والقسطرة، ثم يُمرر جهاز خاص – يُشبه المظلة الصغيرة – عبر الأنبوب. وعند الوصول إلى الثقب، يُفتح الجهاز من جهتين، ليغلق الفتحة تمامًا. هذا الجهاز المصمم بدقة عالية، يُثبّت دون حاجة لخياطة، ويصبح جزءًا من جدار القلب بمرور الوقت.

 

وقت القسطرة وأداء الفريق

الإجراء برمّته لا يتجاوز ساعة من الزمن في معظم الحالات، ومع الدكتور عبد الرحمن العفيفي، متوسط الوقت لا يتجاوز 44 دقيقة، بحسب الدراسة العلمية المنشورة مؤخرًا. بعد انتهاء القسطرة، يُراقب المريض لساعات قليلة فقط، ويخرج في الغالب في اليوم التالي.

 

زمن الأشعة وأمان الإجراء

خلال هذه الرحلة، هناك ما يُعرف بزمن الأشعة (الفلوروسكوبي)، وهو زمن التعرض لأشعة المتابعة أثناء القسطرة. في الدراسة المنشورة، كان المعدل 12.8 دقيقة فقط، وهي نسبة تُعد منخفضة عالميًا، ما يعني أن الإجراء لا يحمّل الجسم أعباء إشعاعية عالية.

 

ما بعد القسطرة: تعافٍ سريع وراحة

ماذا بعد القسطرة؟ يعود الطفل إلى نشاطه العادي تدريجيًا خلال أيام. لا جروح ظاهرة، ولا ألم يُذكر. يتم وصف بعض الأدوية الوقائية مؤقتًا، وتُحدد زيارات للمتابعة المنتظمة بالإيكو.

 

ماذا عن المضاعفات؟

لكن كما في أي إجراء طبي، قد تحدث مضاعفات. الدراسة أظهرت أن هناك نسبة ضئيلة جدًا من حالات الارتجاع الصمامي – ومعظمها خفيف ويختفي تدريجيًا. وهناك أيضًا نسبة أقل من 1% من اضطرابات كهرباء القلب، كالبطء أو الحصار الجزئي، وغالبًا ما تكون مؤقتة. كل هذه المضاعفات كانت تحت السيطرة ولم تتطلب تدخلًا إضافيًا في الغالب.

 

التقييم المسبق: مفتاح النجاح

وما يُميز العمل في هذا المجال، ليس فقط التقنية، بل التقييم المسبق. فمع كل حالة، يُجرى فحص دقيق للغاية لاختيار الحجم المناسب للجهاز، وطريقة الدخول، وأفضل زاوية لإغلاق الثقب بأمان دون المساس بالصمامات أو نظام القلب الكهربائي.

 

الطبيب الخبير: بين العلم والبصيرة

ولأن هذه التفاصيل الدقيقة هي ما تصنع الفارق، فإن خبرة الطبيب عامل حاسم في النتائج. والدكتور عبد الرحمن، في كل حالة، لا يعتمد فقط على التقنية، بل على قراءته العميقة لكل رسم بياني، وصورة إيكو، وتاريخ طبي.

 

غرفة القسطرة: مساحة أمل وإنسانية

غرفة القسطرة، لمن لا يعرفها، قد تبدو مرعبة في الخيال. لكن على أرض الواقع، هي مكان مليء بالأمل. مكان تُغلق فيه الثقوب، ليس في القلب فقط، بل في حياة كاملة كانت مُثقَلة بالقلق. إنها مساحة طبية عالية التقنية، لكنها أيضًا إنسانية، تُعيد النبض لمساره الطبيعي.

 

ماذا سنناقش في المقال القادم؟

في المقال القادم والأخير، سنتحدث عن البُعد الأكبر في هذه القصة: ما الذي يجعل طبيبًا مثل الدكتور عبد الرحمن يحقق نتائج قياسية؟ وما الذي يجب على المريض أو الأهل أن يسألوا عنه عند التفكير في هذا النوع من التدخل؟ لأن الطب، كما سنرى، ليس أرقامًا فقط، بل رؤية، وضمير، وثقة.

 

عن الدكتور عبد الرحمن العفيفي


استشاري قلب الأطفال ورئيس قسم الأطفال بمركز الدكتور مجدي يعقوب للقلب

يُعد الدكتور عبد الرحمن العفيفي من أبرز الأسماء في مجال طب قلب الأطفال في مصر والعالم العربي، بخبرة تمتد لما يقرب من 20عامًا في تشخيص وعلاج العيوب الخلقية في القلب لدى الأطفال وحديثي الولادة.
يتميّز بتخصصه الدقيق في استخدام تقنيات قسطرة القلب العلاجية والتشخيصية، ويقود فريقًا طبيًا متخصصًا في رعاية الأطفال المصابين بأمراض القلب الخلقية في أحد أهم مراكز القلب في الشرق الأوسط.
له إسهامات علمية متعددة، وشارك في عدد كبير من المؤتمرات الدولية، ويُعرف بأسلوبه المبسط في شرح الحالات الطبية المعقدة للأهل، مما يخلق جسرًا من الثقة والدعم بين الطبيب والأسرة.

لديه خبرة كبيرة في تشخيص وعلاج أمراض القلب الخلقية لدى الأطفال، يُعد الدكتور عبد الرحمن العفيفي واحدًا من أبرز الأسماء في طب قلب الأطفال في العالم العربي. يشغل حاليًا منصب رئيس قسم الأطفال في مركز الدكتور مجدي يعقوب للقلب بأسوان، ويقود فريقًا طبيًا متخصصًا في تقديم أحدث ما توصل إليه الطب في مجال قسطرة القلب والعلاجات التداخلية الدقيقة للأطفال وحديثي الولادة.

يجمع الدكتور العفيفي بين الكفاءة الإكلينيكية العالية، والاهتمام العميق بالبحث العلمي والتدريب، حيث ساهم في تدريب العشرات من أطباء الأطفال على التشخيص المبكر لعيوب القلب الخلقية، مع تركيز خاص على الاستخدام المتقدم لتقنية الإيكو القلبي والعلاج بالقسطرة كبديل فعال للجراحة في كثير من الحالات.

وإلى جانب عمله الإكلينيكي، يُعرف الدكتور العفيفي بتواصله الإنساني العميق مع الأهل، وحرصه على تبسيط المعلومات الطبية وتقديمها بلغة مفهومة تساعدهم على اتخاذ قرارات واثقة في رحلة علاج أطفالهم.

 

تابعونا على صفحة الفيسبوك لمتابعة كل جديد وأحدث المعلومات

 

كل ما تريد معرفته عن د / عبد الرحمن العفيفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *