يُعد ثقب القلب بين البطينين أو ما يُعرف طبيًا باسم “عيب الحاجز البطيني” (VSD) من أكثر العيوب الخَلقية شيوعًا لدى الأطفال. ويتفاوت تأثير هذا العيب باختلاف حجمه وموقعه، فقد يكون صغيرًا لا يُسبب أعراضًا، وقد يكون كبيرًا يؤثر في تنفّس الطفل ونموه ويُحدث إجهادًا دائمًا على القلب.
من الجراحة المفتوحة إلى القسطرة: نقلة نوعية في العلاج
في السنوات الماضية، كان الحل الجراحي هو السبيل الوحيد لعلاج هذه الحالات، لكن التطورات المذهلة في طب قلب الأطفال أتاحت حلولاً جديدة أكثر أمانًا وأقل تدخلًا، أهمها الإغلاق بالقسطرة.
إنجاز مصري عالمي: الدكتور عبد الرحمن العفيفي في الصدارة
هنا تبدأ رحلة إنجازات الطبيب المصري الدكتور عبد الرحمن العفيفي، استشاري أمراض قلب الأطفال، والذي استطاع أن يحقق نتائج تُعد من الأعلى عالميًا في إغلاق عيوب الحاجز البطيني عبر القسطرة، وبالأخص الحالات المعقّدة القريبة من الصمام الأورطي، والتي غالبًا ما كانت تتحول إلى جراحة مفتوحة.
توثيق علمي رصين في المجلات العالمية
الدكتور عبد الرحمن لم يكتفِ بالخبرة السريرية المتميزة، بل وثّق هذه التجربة الرائدة علميًا، ونشر دراسة بحثية موسّعة في واحدة من أبرز المجلات العلمية العالمية، وهي مجلة Frontiers in Pediatrics، موثقًا نتائج إغلاق VSD باستخدام جهاز Konar-MF متعدد الوظائف.
150 حالة… ونتائج تلامس الكمال
شملت الدراسة أكثر من 150 حالة لحالات تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و31 عامًا، نجح في إغلاق الثقب لديهم باستخدام القسطرة بنسبة 98.7٪، وهي من أعلى نسب النجاح المسجلة عالميًا. أما الحالات التي كان الثقب فيها قريبًا من الصمام الأورطي، فقد أظهرت نتائج مبهرة بنسبة نجاح قاربت 99.9٪، مما يمثل تقدمًا مذهلًا في علاج هذه النوعية الدقيقة من العيوب القلبية.
القسطرة القلبية: إجراء بسيط بتأثير عميق
ما يُميز هذا النوع من الإجراءات أنه لا يتطلب فتحًا جراحيًا للقلب، بل يتم عن طريق إدخال أنبوب رفيع عبر وريد الفخذ، يُوجه بدقة إلى القلب، حيث يتم تركيب الجهاز الذي يُغلق الثقب بشكل دائم. هذا النوع من القسطرة يُقلل من فترة الإقامة في المستشفى، ويُسرّع تعافي الطفل، كما يُقلل من المضاعفات المرتبطة بالجراحة التقليدية.
متابعة طويلة تؤكد فعالية الإجراء
تُظهر التجربة أيضًا مدى دقة اختيار الحالات، وتفصيل خطة العلاج بحسب طبيعة كل ثقب، وهو ما يعكس خبرة الدكتور عبد الرحمن وحرصه على الدقة والسلامة في آنٍ واحد. كما أن المتابعة الممتدة بعد القسطرة (والتي شملت فترات تصل إلى 35 شهرًا) أظهرت استقرار الحالات وتحسّن الأعراض لدى معظم المرضى.
تقنية النهج الرجعي: تقليل زمن الإجراء وتحسين النتائج
الأمر اللافت أيضًا هو أن معظم الحالات تم التعامل معها عبر النهج الرجعي (retrograde approach)، ما يعكس قدرة الفريق الطبي على تقليل زمن الإجراء، وتقليل التعرض للأشعة، وتحسين نتائج القسطرة.
نموذج عربي يُحتذى به في الطب العالمي
من خلال هذا العمل البحثي الرصين، لم يضع الدكتور عبد الرحمن بصمة سريرية فحسب، بل أثبت للعالم أن الكفاءات الطبية العربية قادرة على إحداث نقلة نوعية في مسار علاج أمراض القلب الخلقية.
مستقبل التقنية: من إجراء نادر إلى معيار علاجي
إغلاق الثقب بين البطينين بالقسطرة لم يعد إجراءً نادرًا، بل أصبح خيارًا علاجيًا فعّالًا وآمنًا، خاصة إذا أُجري على يد طبيب يمتلك الخبرة، والدقة، والفهم العميق لتفاصيل هذه العيوب المعقّدة.
ترقبوا المزيد…
وفي المقالات القادمة، سنستعرض مزيدًا من الجوانب العلمية والسريرية حول هذه التقنية، ونلقي الضوء على الحالات الخاصة، ومتى يكون التدخل ضروريًا، وكيفية الاستعداد للقسطرة، وما بعد الإجراء.
تابعونا…
عن الدكتور عبد الرحمن العفيفي
استشاري قلب الأطفال ورئيس قسم الأطفال بمركز الدكتور مجدي يعقوب للقلب
يُعد الدكتور عبد الرحمن العفيفي من أبرز الأسماء في مجال طب قلب الأطفال في مصر والعالم العربي، بخبرة تمتد لما يقرب من 20عامًا في تشخيص وعلاج العيوب الخلقية في القلب لدى الأطفال وحديثي الولادة.
يتميّز بتخصصه الدقيق في استخدام تقنيات قسطرة القلب العلاجية والتشخيصية، ويقود فريقًا طبيًا متخصصًا في رعاية الأطفال المصابين بأمراض القلب الخلقية في أحد أهم مراكز القلب في الشرق الأوسط.
له إسهامات علمية متعددة، وشارك في عدد كبير من المؤتمرات الدولية، ويُعرف بأسلوبه المبسط في شرح الحالات الطبية المعقدة للأهل، مما يخلق جسرًا من الثقة والدعم بين الطبيب والأسرة.
لديه خبرة كبيرة في تشخيص وعلاج أمراض القلب الخلقية لدى الأطفال، يُعد الدكتور عبد الرحمن العفيفي واحدًا من أبرز الأسماء في طب قلب الأطفال في العالم العربي. يشغل حاليًا منصب رئيس قسم الأطفال في مركز الدكتور مجدي يعقوب للقلب بأسوان، ويقود فريقًا طبيًا متخصصًا في تقديم أحدث ما توصل إليه الطب في مجال قسطرة القلب والعلاجات التداخلية الدقيقة للأطفال وحديثي الولادة.
يجمع الدكتور العفيفي بين الكفاءة الإكلينيكية العالية، والاهتمام العميق بالبحث العلمي والتدريب، حيث ساهم في تدريب العشرات من أطباء الأطفال على التشخيص المبكر لعيوب القلب الخلقية، مع تركيز خاص على الاستخدام المتقدم لتقنية الإيكو القلبي والعلاج بالقسطرة كبديل فعال للجراحة في كثير من الحالات.
وإلى جانب عمله الإكلينيكي، يُعرف الدكتور العفيفي بتواصله الإنساني العميق مع الأهل، وحرصه على تبسيط المعلومات الطبية وتقديمها بلغة مفهومة تساعدهم على اتخاذ قرارات واثقة في رحلة علاج أطفالهم.
تابعونا على صفحة الفيسبوك لمتابعة كل جديد وأحدث المعلومات